السياسية

سياسة/المغرب/العالم العربي
في طنجة 17/11/2011
                      
    المغرب والدول العربية : علاقات بين عدم الثقة تارة والتوتر تارة أخرى         

إذا كان المغرب قد حقق تقدما ملحوظا على الصعيد الدبلوماسي في السنوات الأخيرة، فإن علاقته مع الجيران والأشقاء العرب لم تكن دائما على ما يرام، وخير دليل على ذلك هو استدعاء السفير المغربي بدمشق بعد الهجوم على مقر السفارة المغربية، وهو ما يبين عدم الثقة الذي يشوب العلاقات بين الطرفان. 




اجتماع للدول الأعضاء في الجامعة العربية
وتعتبر مواقف المغرب معتدلة دبلوماسيا، فهو يحاول كسب ود جيرانه في الاتحاد الأوروبي، دون أن يتخلى عن دوره في إفريقيا، وكذلك في منطقة مينا (شمال إفريقيا والشرق الأوسط)، ويعتبر المغرب بمثابة الفتى المدلل لبعض دول الخليج  خصوصا المملكة العربية السعودية، رغم أنه يجد صعوبة في تحسين علاقاته مع دول أخرى في العالم العربي والإسلامي، حيث اتسمت علاقاته في كثير من الأحيان مرة بعداء طويل، ومرة بأزمات دبلوماسية مفاجئة سواء مع جيرانه الأقربين أو مع دول أخرى غير جارة.

الشرق الأوسط...

وقال وزير الشؤون الخارجية والتعاون المغربي، الطيب الفاسي الفهري، أن " الملك محمد السادس هو من اتخذ القرار باستدعاء السفير المغربي في سوريا احتجاجا على الهجوم على مقر السفارة المغربية بدمشق من طرف متظاهرين موالين للنظام السوري الذي فشل في تطبيق الاصلاحات التي وعد بها"، ويعد استدعاء سفير المغرب في دمشق، آخر ما استجد في إطار علاقات المغرب مع أشقاءه، وكان النظام البعثي الذي يحكم سوريا منذ أكثر من أربعين سنة من الداعمين لانفصاليي جبهة البوليساريو.
وتبدو العلاقات مع قطر جيدة في الوقت الحالي، رغم ما يشوبها بين الفينة والأخرى من اضطراب بسبب قناة الجزيرة، الناطق باسم الإمارة الخليجية الغنية، وتعتبر القناة غير مرغوب فيها بالمغرب منذ أكتوبر 2009، حيث تم طردها بسبب "نقص المهنية والجدية والمسؤولية"، وأشار مسؤول حكومي في وقت سابق إلى أن الرباط انتقدت قناة الجزيرة بسبب الطريقة التي تتناول بها "موضوع الإسلاميين وقضية الصحراء".

في المغرب العربي
وتبقى قضية الصحراء هي العائق الذي يحول دون تحسين المغرب لعلاقاته مع جيرانه الأقربين، وخصوصا "الأخ العدو" الجزائر، حيث يعد النزاع القائم بين البلدين الجارين من أقدم النزاعات بين البلدان العربية، وكان التوتر قد بلغ أوجه سنة 1994 بعد قرار المغرب الأحادي غلق حدوده مع الجزائر بعد هجمات مراكش التي اتهم أجهزة الاستخبارات الجزائرية بالوقوف وراءها، وفي ما يتعلق بالعلاقات مع ليبيا القذافي فقد عكر صفوها في كثير من الأحيان ملف الصحراء، حيث كان "القائد" الليبي من السباقين لدعم جبهة البوليساريو سنة 1973، غير أن العلاقات المغربية الليبية بدأت تتحسن مع النظام الجديد في ليبيا، رغم فرضه للتأشيرة على من أراد العودة للعمل في ليبيا بمن في ذلك المغاربة، هذا الإعلان فاجأ السلطات المغربية.
وفي ما يتعلق بالعلاقة مع تونس خلال حكم بن علي فكانت جيدة، لأن النظام في تونس آنذاك لم يعر جبهة البوليساريو اهتماما كبيرا كما أنه لم يعمل على دعمها، لكن العلاقة بين البلدين توترت عقب أعمال العنف التي حدثت بعد نهائي عصبة الأبطال الأفريقية برادس ما أجبر المغرب على تصعيد اللهجة، وبالنسبة لموريتانيا، حدث تقارب بين البلدين خصوصا بعد فوز محمد ولد عبد العزيز في الانتخابات الرئاسية الأخيرة عام 2009، رغم سوء الفهم البسيط الذي نتج في الآونة الأخيرة بين مسؤولين على أعلى مستوى،  ولاسيما في مجال التعاون الأكاديمي، حيث لقي هذه السنة الطلبة الموريتانيون بعض المشاكل من أجل التسجيل في الجامعات المغربية بسبب المشاحنات الدبلوماسية بين الطرفين.

عدم الثقة مقابل عدم الثقة
ولاحظ السيد عبد العزيز آسر، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة الحسن الثاني بالمحمدية، أن هذه العلاقات الدبلوماسية المتقلبة بين المغرب والعرب، تتسبب فيها قضية الصحراء ثارة، و استمرار "عدم الثقة" بين الأنظمة العربية المختلفة ثارة أخرى، وأضاف الأستاذ عبد العزيز آسر أن "المغرب عانى دائما من علاقاته مع الدول العربية"، مشيرا إلى أن "الرهان الرئيسي هو قضية الصحراء،"، لكن "السياق الجديد" من الانتفاضات الشعبية يزيد الطين بلة، لأن "كل هذه الأنظمة بمن فيها المغرب يشترك في نفس الفكر السلطوي، لذلك فهم يشعرون بأنهم مهددون"، وهذا ما يدل عليه رد فعل سوريا.
ويقول السيد عبد العزيز آسر يبدو من الصعب على المدى القريب التكهن بحدوث تغيير في هذه العلاقات، وإذا لم تكن الأزمات المؤقتة مصدر قلق، فإن الوضع الراهن مع الجزائر "يتطلب تغييرا في الأنظمة"، وأضاف "ومن الواضح أن المشكل بين البلدين غير مرتبط بالشعبين بل بالأنظمة الحاكمة، واعتبر  السيد عبد العزيز آسر أن المشكل سيستمر ما دامت الأنظمة لم تتغير.


توتر العلاقات المغربية الإيرانية
وكان المغرب قد قطع أيضا علاقاته الدبلوماسية مع ايران منذ مارس 2009، ويعود أصل هذه القطيعة، إلى  المشاكل التي عرفتها مملكة البحرين، بعد تصريح أطلقه مسؤول إيراني رفيع المستوى معتبرا البحرين المقاطعة الرابعة عشر من الجمهورية الإسلامية، وكان المغرب قد أعرب عن دعمه للبحرين، مما أثار حفيظة  الجمهورية الإسلامية، التي قامت باستدعاء القائم بأعمال السفارة المغربية في طهران، وهذا ليس كل شيء، فقد كانت المملكة قد اتهمت علنا الجمهورية الإسلامية بتهديد وحدة المعتقد في المغرب بمحاولتها نشر المذهب الشيعي.
ترجمه محمد أوعزيز عن موقع يابلادي