dimanche 22 juillet 2012

خواطر 8 الحلقة الثانية .. حدائق معلقة فوق السطوح


كتبه محمد أوعزيز

الحلقة الثانية

كانت مهمة الفريق المصري المسمى "حدائق ذات بهجه" والمشكل من ثلاثة أشخاص، زراعة سطح عمارة بشكل جمالي ومصاحب للبيئة والوقت المحدد لانجاز هذه المهمة هو شهران وللفريق الحق في الاستعانة بمتطوعين خبراء ورعاة.
قبل خوض غمار التجربة كان للفريق زيارة لسطح عمارة مزروع ومستغل بشكل رائع وقال صاحب المشروع أنه يكتفي من حاجياته الغذائية بنسبة 60 في المائة، فهو يزرع الخص والفاصوليا والطماطم والبقدونس... وكانت هذه التجربة ملهمة لفريق "حدائق ذات بهجه".
وترك البرنامج المجال مفتوحا للشباب من أجل الابداع دون تقييدهم بأفكار أو مخطط سابق يسيرون وفقه ما ساعدهم على الابداع، ويقع السطح المراد استغلاله في وسط مجموعة من العمارات المملوءة بالصحون الهوائية ومملوء بمخلفات غير مرغوبة.
تلقى سكان العمارة، والناس المجاورون لها، الفكرة برحابة صدر وشجعوها وقال أحد سكان العمارة "أن الفكرة رائعة ونتمنى لو أنها تتعمم على البلد".
وتطوع للعمل في المشروع مهندسون وأطفال وشباب لم يألوا جهدا في العمل من أجل إنجاح المشروع.
في البداية واجه الفريق العديد من المشاكل والمعوقات كالأسلاك الكهربائية الموجودة على السطح بشكل عشوائي والأنقاض المتناثرة هنا وهناك، لكنهم استطاعوا التغلب على كل ذلك بعزيمة تفت الصخر.
ومشروع إنشاء حدائق فوق السطوح ليس جديدا بل سبق للمسلمين قبل ما يناهز 1000 سنة أن استغلوا سطوح منازلهم وجعلوها حدائق غناء، ويؤرخ لذلك ناصر خسرو (1004- 1088 م) الرحالة المسلم الذي زار القاهرة ووصف سطوحها بأنها كانت مغروسة بالأشجار لدرجة أصبحت كالمنتزهات وأضاف المؤرخ أن شخصا غرس حديقة على سطح بيته المكون من سبع طبقات وقام بتربية عجل فيها حتى كبر ونصب فيها ساقية يديرها ثور يرفع الماء إلى الحديقة من البئر وزرع شجر البرتقال والموز والورد والريحان وكل أنواع الزهور، وقال إن أكثر سطوح القاهرة كان عبارة عن حدائق أكثرها مثمر. 
وبذل الشباب جهدا كبيرا بمساعدة المتطوعين وكانوا يعملون ليل نهار دون كلل ولا ملل حتى يكملو ا المشروع في مدة الشهرين المتفق عليها.
و عندما حانت لحظة الإطلاع على المشروع من طاقم البرنامج. 
مفاجأة، تغير السطح تماما من قطعة جرداء قاحلة إلى حديقة مزهرة غناء فيها أماكن للجلوس ومكتبة حيث قام الشباب باستغلال جميع الفضاءات ولم يتركوا مساحة إلا واستغلوها عملا بنظرية "الفزع من الفراغ" وكتبوا على الجدران آيات قرآنية تحت على العمل والتطوع والخير.
ومن النباتات المزروعة في الحديقة ما هو طبي وما هو عطري كالنعناع والزعتر والخص بنوعيه الأخضر والأحمر كما قام "فريق ذات بهجه" بإنشاء نافورة على سطح العمارة.   
وللترويج لفكرة استغلال سطوح العمارات وتحويلها إلى حدائق مزهرة قام الشباب بتأسيس صفحة على الفايسبوك بعنوان "حدائق ذات بهجت".
ويعتبر المشروع ملهما لاستغلال سطوح المنازل والبنايات وتحويلها الى حدائق وبساتين غناء تسر الناظرين ما دامت تبقى خاوية على عروشها مملوءة بالمخلفات ومنظرها يقزز سكانها حتى أنهم لا يستطيعون الصعود إليها، ففي ألمانيا على سبيل المثال 15 في المائة من سطوح المنازل مزروعة ومستغلة.
وختم الشقيري البرنامج بحكمة جميلة تقول : "الفاشل لا تنضب أعذاره والناجح لا تنضب أفكاره".
فما على الشباب الذي يملك أفكارا ومشاريع إلا أن يبدأ بالخطوة الأولى ويتق في قدراته ويسعى إلى هدفه بكل ثقة وإصرار، وألا يستهين بالعمل التطوعي .